الفرد والمجتمع في السوسيولوجيا الكلاسيكية

رغم ما يمكن تسجيله من اختلافات بخصوص تحديد معالم ولحظات نشأة وتطور السوسيولوجيا المعاصرة، التي ترتبط باختلاف التقاليد السوسيولوجية الوطنية واختلاف وثائر وإيقاعات تحولات المجتمعات الحاضنة لها؛ فهي تعبر، إجمالا، عن أزمة عرفتها السوسيولوجيا الكلاسيكية وعن حاجة ملحة لتطوير مقاربات مواكبة لما شهدته المجتمعات الغربية، على الخصوص، من تحولات خلال القرن العشرين.
نعرض في هذا الجزء ثلاثة تقاليد أساسية: التقليد السوسيولوجي الأنكلوساكسوني، ممثلا بنظريات نمت وتطورت في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بريطانيا؛ والتقليد السوسيولوجي الألماني الذي يعد أحد التقاليد العريقة و«الأصيلة»، أخذا بعين الاعتبار سياقات إنتاجه المرتبطة بالتحولات التي عرفها المجتمع الألماني منذ القرن التاسع عشر، الملازمة لتطور الفكر الجرماني، فلسفة ولغة وأدبا وشعرا؛ والتقليد السوسيولوجي الفرنسي الذي لا يقل عراقة وأصالة عن هذا الأخير، إذ نعثر في ثناياه على العديد من عناصر الإبداع والامتداد والتلاقح الفكري مع باقي التقاليد.