النظرية العامة للتأمين

يأتي هذا الكتاب ليسلط الضوء على التأمين، من زاوية اعتباره نظاما يشمل مجالات متعددة، جانب منها يرتبط بالمستوى الوطني، وجانب آخر له صلة بالمستوى الدولي، ومن زاوية كونه عقدا تتدخل فيه اعتبارات فنية وأخرى قانونية، بهدف ضبط العلاقات التي تنشأ بين طرفين، أحدهما تهدده مجموعة من المخاطر، وآخر يأخذ على عاتقه الالتزام بتغطية هذه المخاطر.
وإذا كان الأصل فـي عقد الـتأمين، خضوعه للقواعد العامة التي تؤطر جميع العقود، إلا أن الطبيعة الفريدة التي يتميز بها، حتمت إفراده ببعض القواعد الخاصة به، حيث إنه، فضلا عن الاعتبار المتمثل فـي تفاوت المراكز الاقتصادية لطرفـي عقد الـتأمين، توجد اعتبارات ومبادئ فنية، تتأسس فـي مجموعها على فكرة الاحتمال المرتبطة بطبيعة الخطر المؤمن عليه، إضافة إلى اعتبارات شخصية تتصل بطرفـي العقد، لا سيما المؤمن له، وهي اعتبارات جوهرية فـي تكوين القواعد التي تحكمه، من ذلك أساسا، مبدأ حسن النية الذي ينبغي أن يسود علاقة المؤمن بالمؤمن له.
ومن شأن التعدد الحاصل على مستوى أنواع عقود التأمين، أن يدفع بنظام التأمين نحو الإسهام بشكل فاعل فـي تنمية القطاع الاقتصادي بالأساس، بالرغم من كون حجم هذه الفعالية يتوقف على مدى إقبال الأفراد على الاستفادة منه، وهو أمر يعتمد، إلى حد كبير، على مدى اقتناعهم بمدى شرعية هذا النظام وأدواته، وقد يتأتى ذلك من خلال عرض مختلف القواعد والأحكام التي تنظم عقد الـتأمين التكافلي، باعتبارها مستمدة، فـي معظمها، من الفقه الإسلامي، حتى يقبل عليه الأفراد، الذين يجدون حرجا فـي التعامل مع التأمين التقليدي أو التجاري، ولتزداد، بالتالي، فرص إسهام نظام التأمين التكافلي أو الإسلامي فـي عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية أيضا.